حاسي سيتي
محمد بوعزة
في إطار سعي وزارة التربية الوطنية للرقي بجودة التعليم وتحسين خدمات الاستقبال جاءت مشاريع بناء مجموعة من المدراس الجماعتية في مناطق قروية وشبه قروية مختلفة من المغرب،عبر جمع ودمج جميع المؤسسات الابتدائية الموجودة في تراب الجماعة القروية داخل المدرسة الجماعتية بهدف تحسين جودة التعليم والتعلم من جهة ،وتدبير أمثل للموارد البشرية من جهة أخرى.غير أن تأسيس المدرسة الجماعتية بحاسي بركان لا زال يثير العديد من المشاكل خاصة بالنسبة للساكنة في الدواوير البعيدة نسبيا التي لم تستسغ أن ترسل فلذات كبدها ذوي الست أو السبع أو حتي العشر سنين مسافة قد تصل إلى 40 كلم بعيدا عنها لمدة تقارب الاسبوع أو تفوقه حسب الامكانيات المادية التي تخول للأب إيصال وإرجاع الابناء إلى المدرسة الجماعتية الكائنة بمركز حاسي بركان.
فبعد إغلاق معظم الفرعيات لم يجد آباء وأولياء التلاميذ بدا من إبقاء أبناءهم بجانبهم، وبالتالي فإذا كان نظريا الهدف من وراء إنشاء المدرسة الجماعتية هو محاربة الهدر المدرسي أو على الاقل الحد منه،إلا أن واقع الحال يكشف العكس تماما حيث سجل ارتفاع مهول في صفوف المنقطعين عن مقاعد الدراسة في دواوير الجماعة التي أغلقت بها الوحدات المدرسية.
إن مشروع إنشاء مدرسة جماعتية كمشروع لاستيعاب جميع دواوير الجماعة هو ضرب من الخيال وخطأ تدبيري وأخلاقي وقع فيه المجلس القديم في شخص رئيسه الذي أخذ قرارا خاطئا دون نهج مقاربة تشاركية ودون انفتاح على الساكنة المعنية وأعطى موافقته على المشروع دونما دراسة مسبقة،وما نشهده اليوم من احتجاجات مشروعة للساكنة المتضررة من هذا المشروع ومن تبريرات مختلفة للمجلس الحالي ومحاولة إيجاد بعض الحلول الترقيعية وطرق أبواب للجهات المختصة ،يدخل في باب ورطة كبيرة ورثناها عن المجلس السابق الذي ظل يتباهى أنه استطاع جلب مشروع مهم للجماعة غير مدرك للمشاكل والتداعيات الدي سوف تنتج عن هكذا مشروع .
كما أن خبث السياسة دفع بعضهم إلى استغلال هذا الملف والركوب عليه للوصول إلى مقعد بالجماعة القروية في الانتخابات الجماعية الاخيرة…كما ان هناك من يستغل هذا المشكل وحرقة الآباء وحرصهم على تدريس أبنائهم في سبيل الثأر من بعض المنافسين السياسيين واللعب على وتر خلق واختلاق مشاكل ووضع العصا في العجلة دونما سعي جاد وموضوعي للبحث من الحل الناجع والكفيل برجوع جميع التلاميذ إلى مقاعد الدراسة…،فمتى نكف عن استغلال معاناة المواطنين والساكنة التي تعاني الامية والهشاشة ،همها الوحيد وأسمى أهدافها هو تدريس أبنائها ولو في قسم سقفه تبدو منه زرقه السماء وأرضه عبارة عن تراب…
إن المشروع المذكور في حد ذاته ليس مشكلا إذا ما اقتصر على تلميذات وتلاميذ المركز والمناطق المجاورة والقريبة ،أما الدواوير البعيدة فلا مجال للمطالبة بتوفير نقل مدرسي لان خصوصية المنطقة جغرافيا وصعوبة ولوج بعضها وبعد بعضها عن المركز يجعل الامر صعبا للغاية، الحل المناسب في نظرنا هو إعادة فتح الفرعيات البعيدة وإعادة تأهيلها من ناحية بنية الاستقبال وتوفير الموارد البشرية الكافية. ونرجو أن يكف البعض عن اللعب والاستهتار بمستقبل أبناء جماعتنا الغالية مقابل قضاء مصالح سياسوية ضيقة…