حاسي سيتي: محمد بوعزة
لم تمض إلا سنة وبضعة أشهر على تولي المجلس الجديد لجماعة حاسي بركان زمام تسيير الجماعة، هذه المدة البسيطة كانت كافية لإعطاء انطباع عن حسن نية المكتب المسير الجديد من خلال ما تشهده الجماعة من حركية ومشاريع تتوخى الرقي بهذه الجماعة القروية التي عانت التهميش والعبث لزمن ليس بيسير فاق العقدين من الزمن.
جماعة حاسي بركان ذات المساحة الشاسعة على مستوى إقليم الناضور والتي تقارب 550 كلم مربع، وذات الموارد المائية الهامة حيث يقع في ترابها سد محمد الخامس وسد مشرع حمادي، كما أن الطريق الوطنية رقم 19 وخط السكة الحديدية الناضور- تاوريرت يخترقان تراب الجماعة، وتضم الجماعة فضلا عن ذلك قطيعا لا بأس به من رؤوس الاغنام والماعز نظرا لشساعة الجماعة ووجود أراض رعوية وأخرى مسقية تنتج بعض المزروعات الكلئية.
كل هذه الموارد التي حبا الله بها الجماعة لم تشفع لها لتساير التطور الذي لحق أقرانها من الجماعات المجاورة على غرار جماعة زايو وأكليم اللتين شهدتا طفرة نوعية في زمن قياسي، حيث تعرضت جماعة حاسي بركان وعلى مدي عقدين أو أكثر لتهميش فاق كل التوقعات، بل الأدهى والأمر هو التراجع واتجاه مؤشر التنمية إلى الوراء، حيث عرفت القرية نتيجة لذلك نزوحا للساكنة نحو حواضر مجاورة أكثر جاذبية كزايو والعروي بحثا عن التعليم والسكن وظروف معيشية أحسن…،مما تسبب في تراجع أوضاع الجماعة خاصة سوقها الاسبوعي الذي كان وإلى عهد قريب من أشهر وأكبر الاسواق في المنطقة.
هذا التدهور كان نتيجة طبيعية للتسيير العشوائي والتخطيط الأحادي واتخاذ القرارات الفردية والتي لا تخدم في آخر الامر إلا متخذها ومن يدورون في فلكه، بعيدا عن خدمة المصلحة العامة وانتظارات الساكنة التواقة لتنمية حقيقية وشاملة.
حتى أن بعض المشاريع المنجزة والتي يتشدق بها المجلس القديم من قبيل إحداث سوق أسبوعي جديد ومستوصف قروي ومدرسة جماعتية ،هي في حقيقة الأمر مشاريع ذات أفق تنموي محدود لأنها من جهة كانت أصلا موجودة ولم يعمل المجلس إلا على نقلها إلى أمكنة أخرى مبذرا بذالك موارد مهمة كان يمكن إنجاز مشاريع جديدة بها،ومن جهة أخرى فإن مثل هذه المشاريع كانت لأغراض سياسوية ضيقة تخدم فئة بعينها وتضيّع جماعة بأكملها.
بل أضيف وأقول ولا أبالغ في القول بأن المشاريع السابقة الذكر لم تكن لتنجز لولا هبوب رياح المبادرة الوطنية للتنمية البشرية INDH على جماعة حاسي بركان منقذة بذلك بعض ماء وجه المجلس الجماعى آنذاك.
لكن ولله الحمد والمنة وبعد وصول بعض نسائم الربيع العربي التي بوأت حزب العدالة والتنمية الصدارة في الانتخابات التشريعية 2011 ومراتب جد متقدمة في الانتخابات الجماعية لـ 2015،قرية حاسي بركان انتعشت بدورها وانفكت من قيدها الذي دام أكثر من عقدين من الزمن،بعد تمكن أبنائها البررة الاوفياء من الامساك بزمام الأمور وتكوينهم لمكتب المجلس الجماعي الجديد بعد حصدهم لأغلبية ليست بالمريحة ولكنها رغم ذلك منحت حاسي بركان فرصة جديدة ،بعد هذا الحدث التاريخي في حياة الجماعة، تنفست الساكنة الصعداء واستبشرت خيرا في هذا المجلس الشاب الجديد الذي يثبت يوما عن يوم حسن نيته ومجهوداته في سبيل تحقيق تنمية ملموسة يحس بها ساكن الجماعة العادي الذي يذهب يوم الاربعاء إلى السوق فيجد كل ما يحتاج ويذهب إلى الجماعة القروية فيجد من يخدمه ويأخذ بيدة ،ويذهب إلى المستوصف فيجد الطبيب…هذا المواطن هو من يجب أم يُخدم ويُحترم…
إن ما يتضخ في الأفق لهو عمل ومجهود جبار وتعبئة شاملة تروم إعادة التوهج والاشعاع الذين كانت تتمتع بهما قرية حاسي بركان.
لكن كل هذه التضحيات والمجهودات لم يستسغها البعض وخاصة الذين استأنسوا الكراسي الوثيرة واستغلال الجهل والفقر المتفشي في الجماعة على مدى أكثر من عقدين،محاولين عرقلة أي مجهود وإحباط أي بادرة تحاول النهوض بأوضاع الجماعة الغالية.
ولا يخفاكم ما يجري من سجال هذه الايام حول مبادرة قيمة ونوعية قام بها المجلس الجماعي بهدف الدفع بالجماعة نحو غد مشرق وإعادة التوهج الذي ضاع في ظلمة العبث، هذه المبادرة التي حظيت بإعجاب الساكنة والنسيج الجمعوي وكل الفعاليات التي حضرت مهرجان “التبوريدة” بحاسي بركان في نسخته الأولى.
إن تكاثف الجهود ووضع اليد في اليد مكتبا مسيرا للجماعة القروية ومستشارين جماعيين نزهاء ونظيفي اليد وفعاليات المجتمع المدني المسؤولة وسلطات محلية متعاونة وشريكة في التنمية المندمجة والمستدامة وساكنة تتمتع بروح المسؤولية والمواطنة،كل هذا لن يترك مجالا للعبث مرة ثانية بمصير هذه القرية الغالية…